عندما يبدأ الحوار بجملة:"إنك امرأة جميلة ولطيفة وناجحة"، تكونين متأكدة بأن المقدمة هذه يأتي بعدها السؤال المعتاد: "لماذا لم تتزوجي بعد؟!".
هناك العديد من القصص التي ينبشها هذا السؤال، فتلك لم تتزوج لأنها اختارت أن تكمل تعليمها لمستويات عليا فمضت الحياة، وتلك كرست حياتها في خدمة قضية ما، وأخرى تعيش حكايتها مع نفسها بانتظار شريك حياتها، وهناك من ضاقت بها الحياة وكانت عونا لأهلها فلم تفكر في نفسها، أو من حرمها أهلها من الزواج للحفاظ على ميراث العائلة، وكلهن نساء قويات واجهن الحياة بكل ما أوتين من قوة.
إلا أن بعض الاختيارات السابقة تنبع من إرادة حرة للمرأة، لذا من الجهالة أن تنعت أي منهن بأي نعت ينتقص من قيمتها، ومن السطحية أن ننظر إليهن نظرة شفقة لا تنم سوى عن وجود مقدار عال من التخلف، وحان الوقت لأن ندرك بأنه ليس من المنطق حصر كل إنجازات المرأة في الزواج أو اعتباره الجائزة الكبرى أو الخلاص الأعظم؟!.
بالمناسبة لست من المناديات بحقوق المرأة بشكل متطرف وتعصبي، ولم أقل يوما أن لا حاجة للمرأة بأن تتزوج، بل أعتبر منظومة الزواج مميزة، وبناء العائلة أمر مهم يستحق التجربة والتضحية لأجله.
ولم أقل أننا كنساء لا يهمنا وجود الرجال في حياتنا، بل إن قوة المرأة وإنجازاتها لن تسد فراغ حاجتها إلى الحنان والحب وهذه سنة الحياة وطبيعة البشر، غير أن هذا الاحتياج لا يعني أن ترتبط بأي رجل، فنحن نعي تماما بأن الزوج هو الشريك والسند في الحياة، والكنف الذي يضمها حين تقسو الحياة عليها، وهو ذاك القلب الذي يشعرها بالأمان والاطمئنان قبل الحب، وهو من يزيد من صلابتها وقدرتها على الإستمرار بقوة في هذه الحياة.
ولمن يقولون "سيمر العمر ولن ترحمك الحياة، سيغادر والداك من الدنيا، وسينشغل من حولك بحياتهم وستبقين وحيدة". نحن نعي هذه التفاصيل جيدا، لكن من يضمن لنا أي شيء في هذه الحياة؟!، أعلم الكثير من القصص لنساء تزوجن وتوفي أزواجهن وبقين وحيدات. وأخريات انفصلن عن أزواجهن وأصبحن وحيدات ومتهمات بتدمير عائلاتهن، وتحسب عليهن كل كلمة وحركة لأنهن مطلقات ولا يحق لهن ما يحق لغيرهن، وهناك نساء معذبات ووحيدات وهن متزوجات وهذه الحالة أصعب بكثير، والخلاصة أن القدر كله بيد الله وحده.
ولمن يقولون ماذا سيفيد تعليمها؟ يفيد كثيرا. ماذا سيفيدها عملها؟ سيفيدها أضعاف تعليمها. حتى أننا في زمن يجب على الرجل والمرأة العمل من أجل حياة أفضل لهما ولأبنائهما، وإن لم يتقبل الرجل عمل زوجته ومساندتها له اقتصاديا، فإنه يثقل كاهله عبثا والله، فالمسألة هنا ليست انتقاصا من الرجولة بل تعبيرا منطقيا عن مفهوم الشراكة وتحمل المسؤولية.
نحن لسنا متعجرفات بل نعلم حقا قدرنا وقيمتنا ولا نخاف العمر، ويحق لنا أن نختار من يكملنا ويحمل نفس تطلعاتنا.
نريد أن نكمل وحدتنا المزعومة بمن يستحق المرافقة فاهلا وسهلا به إن أتى، وإلا فليمكث غيره بعيدا فلا مرحبا بهم.
عزيزتي المرأة، بإمكانك أن تقلبي حياتك رأسا على عقب إن اردتِ، فلا تكترثي وعيشي الحياة بما ترينه مناسبا لك، فهي حياتك وحدك واختياراتك وحدك، اصنعي مستقبلك بنفسك وساندي نفسك وفكري جيدا كيف تصنعين لنفسك حياة أفضل، فأنتِ تستحقين كل ما هو جميل، ومن يحدد منطقيا السن الأنسب للزواج هو الفرد نفسه، ولا يوجد قاعدة تنطبق على الجميع، لذا لا تتزوجي إلا حين يطمئن قلبك وتشعرين أنك مستعدة للزواج وراضية عن أعبائه قبل مزاياه، ولا تتزوجي قبل أن تجدي شريكا يستحق الانتظار والتضحية